تقليد القطيعة لاوكتافيو باث

من طرف romanticguide 07/07/08, 03:13 am

إن موضوع هذا الكتاب هو التقليد الشعري الحديث. هذا التعبير لايعني فقط وجود شعر حداثي ولكن أيضاً أن الحديث صار تقليداً. تقليد مكون من عدة قطيعات وكل قطيعة فيه بداية. ونعني بكلمة تقليد الأخبار والأساطير، الأحداث التاريخية، المعتقدات والعادات، الأشكال الأدبية والفنية، الأفكار والأساليب التي يتوارثها جيل عن جيل؛ لهذا فكل قطيعة في هذا التواصل هي تكسير لهذا التقليد. وإذا كانت كل قطيعة هي عبارة عن تكسير لهذا الرباط الذي يجمعنا بالماضي، نفي للاستمرارية بين جيل وجيل، هل يمكننا أن نسمي تقليداً ذلك الفعل الذي يقطع حبل التواصل ويوقف الاستمرارية؟ بل أكثر من هذا، إذا قبلنا أن نفي التقليد على المدى الطويل، من خلال تكرار نفس الفعل من طرف أجيال من أعداء القديم، يمكن أن يشكل تقليداً، فكيف يمكنه أن يكون كذلك فعلياً إذا لم ينف نفسه، أي إذا لم يؤكد في لحظة ما، ليس القطعية، بل الاستمرارية؟ فتقليد القطيعة يعني ليس فقط نفي التقليد بل نفي مفهوم القطيعة أيضاً... فالتناقض يبقى كما هو ولو استعملنا عوض كلمات توقف أو قطيعة كلمة أخرى أقل عنقاً، كعبارة التقليد الحديث التي لاتتعارض بقوة مع فكرتي التواصل والاستمرارية. فإذا كان كل تقليد هو حتماً القديم، كيف يمكن للحديث أن يصبح تقليداً؟ وإذا كانت كلمة تقليد تعني استمرار الماضي في الحاضر كيف يمكننا أن نتحدث عن تقليد بدون ماض، تقليد مبني على تمجيد ذلك الشيء الذي هو نفيه: الراهنية الخالصة?